روائع مختارة | واحة الأسرة | صحة الأسرة | هل تحبين شــكلك؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > صحة الأسرة > هل تحبين شــكلك؟


  هل تحبين شــكلك؟
     عدد مرات المشاهدة: 2133        عدد مرات الإرسال: 0

 

الإنسان مفطور على حب الجمال، والفتاة بشكل خاص لديها ميل طبيعي إلى العناية بجمالها وأناقتها، بل إنها تسعى دائمًا لتضفي الجمال على كل شيء حولها بلمساتها الذكية وإهتمامها.

ولكن الشيء المؤسف أن يتحول حب الجمال إلى مصدر دائم للضغط والقلق على الفتاة، كما يحدث في زماننا هذا نتيجة ترسيخ ثقافة مشوهة وضيقة تضع للجمال قوالب محددة وغبية لا يمكنها بحال أن تستوعب الجمال الحقيقي الذي وهبه الله للمرأة.

المؤسف أيتها الفتاة الجميلة أن جهات مشبوهة لا يهمها إلا السيطرة على الأموال وعلى العقول تصنع من حب الفتيات والنساء للجمال سلسلة حديدية لا ترحم تضعها حول أعناقهن ليخضعن طوال الوقت لسلطان هذه الجهات من شركات تجميل كبرى، وشركات أدوية، ومراكز علاجية وتجميلية، وبيوت أزياء... إلخ.

لا أبالغ على الإطلاق فيما أقول، بل إن هذا نقطة صغيرة من هذه اللعبة العالمية القذرة، نعم.. فالجمال ليس صورًا محددة لا تتغير، وليست مقاييس ثابتة، وطلّات بعينها.. الإعلام هو الذي يُسوّق هذا.. إنه يحرص على إغراقنا بصور وموديلات في كل مكان، بخبراء يثرثرون، ونساء بهيئات معينة يتقدمن ويملعن تحت الأضواء، بل يصطنع نظرات الإعجاب والإنبهار بهن حتى ينطبع في أذهاننا جميعًا أن هذا هو الجمال، وستلاحظي معي بعد قليل كيف أنهم ينتجون صورًا مُكلفّة، تحتاج إلى تغيير في طبائع الأمور لتظل الفتاة تلهث خلفهم، فالأمر يحتاج لعمليات ومنتجات كثيرة وأسلوب حياة صعب وليس الإهتمام الطبيعي بالمظهر.

¤ صناعة التنحيف:

يقول أستاذ الطب النفسي د. وائل أبو هندي: بينما نجدُ أن البدانة التي كانت حتى عهدٍ قريبٍ في مجتمعاتنا -أو على الأقل في شرائح لا يستهان بها من تلك المجتمعات- علامةً على الثراء والجمال والنعمة والصحة والقوة البدنية، البدانةَ التي إرتبطت بالأنوثة والأمومة والكرم والطيبة والدفء، أصبحتِ الآن علامةً على القبح والبلادة والضعف والوهن والكسل والمرض، فما الذي حدثَ أو كيفَ حدثَ ذلك التحول؟!.

فقد كانت المرأةُ الممتلئةُ القوام في معظم الثقافات هيَ النموذج المثاليُّ المفضل حتى منتصف القرن العشرين، حيثُ كانَ ينظرُ إلى البدانة بإعتبارها علامةً على الجمال والخصوبة الجنسية، ولا تزالُ تمارسُ عادةٌ قديمةٌ في بعض مناطق قارة إفريقيا حتى اليوم حيثُ يتمُّ إرسال الفتيات قبل الزواج إلى منازل خاصةٍ تهتم بتغذيتهن وإكسابهنَّ قوامًا بدينًا من أجل إعدادهن للزواج، وليسَ فقط في إفريقيا بل إن من تتاحُ له فرصةُ رؤية في القرون الوسطي في متاحف أوروبا وكذلك في الرسوم التي تزينُ أسقفَ الكنائس والكاتدرائيات القديمة سيجدُ أنها كانت تتضمن دائمًا صورَ إناثٍ بدينات.

وينقل عن الكاتب خالد عزب تفسيره لهذا التحول، بقوله: حدثَ ذلك عبرَ سلاسل متواليةٍ من الأفكار والمفاهيم التي حملتها المادة الإعلامية والتسويقية في غرب العالم وشرقه، وكذلك عبر الإيماءات والتصريحات التي يتحمل مسئوليتها العاملون في مجالات الصحة والغذاء المختلفة، وتزامنَ ذلك كلهُ مع دعواتٍ ودعاياتٍ متعددةٍ إلى إمكانية التخلص من البدانة، وإمكانية ضبط الجسد لكي يتطابقَ مع المعايير المطلوبة.

نعم يا عزيزتي فالتنحيف صناعة، ووضع الفتاة منذ تفتح وعيها على العالم تحت ضغط الوصول للوزن المثالي الذي وضعوه لها أمر مطلوب وينفقون عليه الكثير من الدعايا، فهو يعني ملايين بل مليارات الدولارات لهم، ترويج عقاقير، وأنواع من المأكولات، وموديلات ومنتجات.. لا يمكنهن أبدًا أن يتركن الصورة الطبيعية للجسم تسير في طريقها، ولذا فلم يعد من الغريب أن تجدي فتاة لها قوام معتدل تشعر بالحنق والاكتئاب بسبب بدانتها.. وهي ليست من البدانة في شيء، إنها بدينة فقط وفق الصور الرائجة للقوام المثالي.

¤ وللنحيفة معاناة!

وحتى لا تصبح الفتاة النحيفة في مأمن من التلاعب بجسدها هي الأخرى، فإن الموديل المثالي المروج عبر القارات للقوام المنشود لا يتضمن النحافة وحدها، بل يجب على هذه النحيفة أن تتميز بمقاييس محددة في مناطق مختلفة من جسمها.. وبهذا تجدي الفتاة تنشغل بهموم مؤرقة تبدد طاقتها وتطفئ إشراقتها، فكما تتمنى الخلاص من الوزن الزائد وتشعر بعداء مع رغبتها في الأكل حتى تمرض من الرجيم والعقاقير غير الآمنة وهي لا تزال في طور النمو، تجدينها مؤرقة في الوقت ذاته بنفخ خديها، وملء صدريها، وحشو ردفيها.

إنها حرب على الأنوثة.. وضغط قاهر لا يجعل الفتاة تشعر بأنوثتها حتى تُطبق مواصفاتهم المصنوعة المستحيلة، ولا تشكر الله على نعمة الجمال لأنها غير مدركة لكونها متمتعة فعلًا بهذه النعمة.. وكثير من الفتيات مرضن جسديا ونفسيا بضغط صورة القوام المثالي.

¤ فتاتي الجميلة..

لا أملك إلا أن أقول لك قاومي هذا الضغط، وإعتزي بجمالك، وأحبي جسدك، تصالحي مع صورتك فأنت جميلة أبدعك الله تعالى ذو الجلال والإكرام.

إعتني بصحتك فلا إسراف ولا شره، وفي الوقت نفسه تمتعي بطيبات ما أحل الله لك، فالأكل ليس عادة مشينة!

أخرجي من ظلام حجرتك وكآبتك وخجلك من شكلك، فأنت جميلة حقًا.. إفتحي للشمس نوافذك، وإستمتعي بحياتك وشبابك، بعقلك وحماستك.. إعبدي ربك وتعلمي واقرئي وتصادقي وإنشطي في الخير وإبتسمي وإسعدي، بهذا فقط لن يكون الطعام هاجسًا، وبهذا فقط ستحصلين على قوام صحي، وبهذا فقط ستكونين الأجمل، بنور في وجهك، وجاذبية في روحك، وثقة تنعكس عليك نضارة وحُسنًا.

الكاتب: مي عباس.

المصدر: موقع رسالة المرأة.